شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
89094 مشاهدة print word pdf
line-top
توسط الأمة بين اليهود والنصارى في أسماء الله وصفاته

...............................................................................


فالحاصل أن الأمة وسط بين اليهود والنصارى فهم وسط بينهم في الأسماء والصفات، وهم وسط بينهم في الحلال والحرام. الأمة الإسلامية توسطت بين هذه الأمم؛ فإن اليهود قد ذمهم الله تعالى؛ ذمهم بكثير من أفعالهم فمنها تحريفهم الكلم: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا يحرفون الكلم فالنهي للأمة عن أن يفعلوا كفعلهم نهي عام وصريح.
وكذلك أيضا من المعلوم أن اليهود يتنقصون الله تعالى. حكى الله عنهم أنهم قالوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا حكى الله عنهم أنهم قالوا: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ -تعالى الله عن قولهم- هذا من التنقص الذي هو إنكار الصفات وجحدها، فكأنهم غلوا في التعطيل.
كذلك النصارى معلوم أنهم شبهوا الله تعالى بالمخلوقين؛ حيث قالوا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ معناه أن الله -تعالى الله عن قولهم- هو مماثل للمخلوقين؛ لأن عيسى المسيح ابن مريم بشر، قال الله تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ فهؤلاء غلوا في الإثبات، وجعلوا الرب تعالى مشابها للمخلوقات، وهؤلاء غلوا في النفي أو في التنقص، ووصفوا الله تعالى بصفات النقص وبصفات السلب أو نحو ذلك.
وخير الأمور أوساطها، فالأمة جاء كتابها بإثبات الصفات على ما يليق بالله، وجاء بتنزيه الله عن سمات وصفات المخلوقين.

line-bottom